دعا المدير المغمور موظفيه لإجتماع الساعة ١٠ صباحاً، ولم يكن الموظفين يعرفون الهدف من الإجتماع، فهو لم يكلف نفسه كتابة بعض الأسطر لشرح الهدف من الإجتماع في الدعوة المرسلة عن طريق برنامج Outlook.
اجتمع الموظفين في قاعة الإجتماعات في الوقت المحدد، بإستثناء المدير الذي تأخر (كعادته)، حتى جاء المدير بعد انقضاء ١٠ دقائق، وبدون أن يقدم المدير اعتذاره عن التأخير، بدأ حديثه قائلاً: ان هناك مشكلة تواجهها الإدارة، وأريد حلاً لها، واجتماعنا هذا لإقتراح الحلول وبحثها (أي أنه يريد أن يكون الإجتماع جلسة عصف ذهني).
بدأ الموظف جاسم الحديث، وهو موظف جديد، تخرج لتوه من الجامعة، وتقدم بإقتراحه، ولكن المدير المغمور قاطعه قائلاً: هذا الحل يبدو سطحياً ولا ينفع، هل من حلول أخرى؟
فبدأ الموظفين بالنظر لبعضهم البعض، حتى تكلم سلطان، وهو موظف قديم وذو خبرة كبيرة، فتقدم بإقتراحه، وبعد أن انتهى، تنحنح المدير وقال: ان هذا الحل لا يقدم الحل كاملاً للمشكلة، وينقصه الكثير، اريد حلول جذرية، هل من مزيد من الحلول؟
هنا صمت الجميع، ولم يتحدث أحد، فأعلن المدير أنه سيأتي بخبير أجنبي ليقدم الحل.

الكثير من المشاكل نستطيع حلها بدون احضار خبراء من خارج المؤسسة، ولكن للخروج بحل إبداعي علينا جمع الأفكار من الجميع في جلسة عصف ذهني إيجابية، تتلاقح فيها الأفكار، ويتحدث فيها الجميع بدون قمع، ويتم إعطاء الجميع الفرصة للحديث، حتى وان تكررت الحلول، او بدت حلولاً غبية وسطحية.

العصف الذهني Brainstorming هي طريقة بسيطة وفعالة لتوليد الأفكار (او استمطار الأفكار)، بدأها اليكس اوزبورن Alex Osborn في أربعينيات القرن الماضي، وطريقتها هي أن يتم اجتماع الموظفين في قاعة وطلب الحلول منهم وتدوين هذه الحلول في لوحة كبيرة يراها الجميع، ثم بعد ذلك يتم تقييم الحلول وحصرها وانتقاء أفضلها.

ولكن حتى تتم جلسة العصف الذهني بطريقة صحيحة حتى تؤتي ثمارها، فهناك عدة شروط وقواعد، منها:
1. عدم انتقاد أي فكرة، مهما كانت
2. جمع أكبر عدد من الأفكار، وعدم التوقف عند أي فكرة مهما بدت رائعة
3. عدم تقييم الأفكار في نفس الجلسة، فالجلسة هدفها جمع أكبر عدد من الأفكار فقط
4. أن يسود الجلسة جو من خفة الظل والمتعة، فالمتعة ستولد الكثير من الأفكار الغريبة والإبداعية
5. البناء على أفكار الآخرين هي من أهم أهداف الجلسة الجماعية
6. إطلاق حرية التفكير، ولا بأس من الحلول التي تبدو بعيدة عن المشكلة، أو تلك التي تبدو مستحيلة
7. كلما زاد عدد الأشخاص، كلما كانت جلسة العصف الذهني افضل
8. عندما تتوقف الأفكار، فينبغي محاولة استثارة عقول المشاركين بطرح بعض الأسئلة المفتوحة
9. تدوين وترقيم الأفكار في لوحة كبيرة حتى يراها الجميع
10. يجب على قائد الإجتماع ضبط الإجتماع من خلال منع تقييم او مناقشة او الهجوم على أي فكرة
11. عدم الخشية من تكرار الأفكار، وتدوين كل الأفكار النابعة من المشاركين حتى لو كانت مكررة، وذلك لعدم إحراج أو تقييد المشاركين
12. الثناء والتشجيع عند تقديم أي فكرة
13. عدم التقيد بوقت انتهاء الاجتماع، طالما أن المشاركين لايزالون متفاعلين، بل والأفضل احضار بعض المشروبات والمأكولات الخفيفة
14. لا بأس من بعض أوقات الصمت، فالناس قد تحتاج بعض الوقت لإطلاق الأفكار
15. عند تفاعل المشاركين، قد يقوم المشاركين بالحديث مع بعضهم البعض، ويزيد الضحك، فلا بأس في ذلك، ويمكنك توجيه دفة الاجتماع نحو الهدف الرئيسي بإستثارتهم ببعض الأسئلة
16. عند وجود بعض المشاركين الصامتين، الأفضل إشراكهم عن طريق سؤالهم بشكل مباشر عن أفكارهم، والثناء عليهم إن قاموا بطرح أي فكرة

وماذا بعد؟
بعد انتهاء جلسة العصف الذهني، ينبغي انشاء لجنة لتقييم هذه الحلول، وتقسيمها إلى ٣ أقسام:
1. أفكار ممتازة: حلول من الممكن تطبيقها
2. أفكار جيدة: حلول رائعة ولكنها مكلفة أو تحتاج الكثير من الوقت والجهد، أو التي لن تحل المشكلة بشكل جذري
3. أفكار غير جيدة: وهي الحلول التي يتم استبعادها

إن الكثير من مشاكل المؤسسات تكون حلولها موجودة عند الموظفين أنفسهم، ومثل هذه الجلسات ستكون مجدية وفعالة وغير مكلفة للبحث عن حلول إبداعية ورائعة للمشاكل المزمنة في المؤسسات.

همسة للقادة: لا تقمع الموظفين ولا تمنعهم (من حيث أو لاتدري) من الإدلاء بأفكارهم، فالمؤسسات الناجحة هي من التي تحترم وتأخذ بأفكار موظفيها.