بدأ صديقي أحمد مشروعه التجاري الأول بكل شغف وطموح، وجمع الكثير من المعلومات، وكانت كل المعلومات والمؤشرات تدل على أن المشروع سينجح. وحضر أحمد عدة دورات ليتعلم طرق وضع دراسة الجدوى وكيف يبدأ مشروعه. ثم بدأ المشروع بالفعل، ومرت عدة أشهر، والمشروع لم يحقق أي نجاح، بل كان يخسر ويخسر، حتى قرر صديقي أحمد إنهاء المشروع، والبحث عن فكرة أخرى.
بعدها بعدة أشهر كنت مع بعض أصدقائي، وكنا نتناقش عن المشاريع التجارية، وذكرنا مشروع صديقنا أحمد، فكان أحد الأصدقاء يقول بأن قرار صديقنا أحمد كان خاطئاً بالبدء بالمشروع، فهو من الواضح أنه سيخسر، فنبهته أنه يتحدث الآن “بأثر رجعي”، أي بعد انتهاء كل شيء ومعرفة النتيجة، ولكن قبل ذلك كان من الصعب التنبؤ بفشل المشروع، وكانت كل المعلومات المتاحة تدل على أن المشروع سينجح، ولكن صديقي هذا أصر على أنه كان يعرف النتيجة، وأنه حذر أحمد من مغبة الدخول في هذا المشروع، ولكن أحمد لم يستمع لكلامه ولم يأخذ بنصيحته. وشخصياً أشك بأن هذا التحذير قد حدث .
أنا متأكد من أننا جميعاً مررنا بمثل هذه المواقف، وهي أن نتخذ قراراً كنا نظنه صائب، ثم يثبت لنا العكس، فيخرج لنا أحدهم ليقول لنا أنه القرار لم يكن موفقاً وأنه كان واضحاً منذ البداية أنه لم يكن موفقاً، هذه الطريقة الخاطئة من التفكير تسمى تحيز الإدراك المتأخر Hindsight bias.
تحيز الإدراك المتأخر هو أن تحكم على الشيء بعد حدوثه، أي أنك بعد أن عرفت النتيجة، تأتي لتقول أن نتيجة هذا الفعل هو كذا، بينما هذه النتيجة أصبحت معروفة، واتخاذ القرارات دائماً يبنى على المعلومات المتاحة في وقت اتخاذ القرار، وتستحضر خبراتك السابقة، وتستشير من حولك، ثم تتوكل على الله وتتخذ قرارك، وبعد ذلك تعرف إن كان قرارك صحيحاً أو كان خاطئاً.
ويقول الله تعالى في محكم كتابه: (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء).
عندما تحكم على تجارب الآخرين، أو حتى تجاربك السابقة، فلا تقع في فخ تحيز الإدراك المتأخر، واستفد من أخطاءك وأخطاء الآخرين.
جميل الفكره المطروحه في الموضوع وأسلوب الطرح أيضا مميز
إعجابإعجاب