في أحد السجون كان حراس السجن يعاملون السجناء بطريقة قاسية وسيئة، ومن بين كل هؤلاء السجناء الذين يعاملون بنفس الطريقة، كان هناك شخص واحد يتلقى معاملة لبقة ومحترمة من قبل نفس الحراس. فاستغرب باقي السجناء، لماذا تتم معاملة هذا السجين دون غيره بطريقة محترمة، بينما لايتلقون هم نفس المعاملة!
فقرر السجناء سؤاله عن سر هذه المعاملة المختلفة، فقال لهم أن الطريقة سهلة جداً، فسألهم ماذا تكتبون عن الحراس في رسائلكم التي تكتبونها لأهاليكم؟ فأجابوا أنهم عادة مايكتبون لهم عن معاناتهم مع معاملة الحراس القاسية. فقال لهم هذا السجين: أما أنا فأمتدحهم، واثني عليهم، بل وأذكر في رسائلي أسماء بعض الحراس والضباط وأثني عليهم وعلى أخلاقهم، وبالتالي يعاملوني بنفس الطريقة التي أريدها، لأن الحراس يقرأون جميع الرسائل قبل إرسالها.
وبعد عدة أيام انقلب الحال بشكل مفاجئ، وأصبحت المعاملة أقسى للجميع، بمن فيهم صاحبنا هذا، فاستغرب هذا السجين من انقلاب الحال، ثم ذهب وسأل السجناء، ماذا كتبتم في رسائلكم؟ فأجابه بعض السجناء أنهم كتبوا أن أحد السجناء علمنا طريقة لخداع الحراس وكسب ودهم عن طريق مدح طريقة تعاملهم في رسائلنا لكم. فصاح السجين بهم: يالكم من أغبياء، لقد أخبرتكم أن الحراس يقرأون كل رسائلكم قبل أن يتم إرسالها لأهاليكم، والآن أضعتم كل شيء، بل وذكرتم اسمي أيضاً وهدمتم كل مابنيته من علاقة طيبة معهم!!
في بعض الأحيان قد تجرب أنت طريقة وتنجح معك، ولكن عندما تنقل هذه الطريقة للناس من باب النصيحة فإنهم قد لايتقبلونها، ولايفهمونها، بل قد يضرونك ويضرون أنفسهم بسبب عدم فهمهم الصحيح وعدم تقديرهم للأمور.
عندما كنت طالباً بالجامعة، وعندما كنا نذاكر لإمتحانات بعض المواد، كنّا نحاول الحصول على الإمتحانات للسنوات السابقة، وكان بعض الأساتذة يكررون بعض الأسئلة من السنوات السابقة، وبالتالي نكون نحن قد ذاكرنا هذه الأسئلة فتسهل علينا الإجابة عليها. وانتشر الخبر بين الطلاب، وقمت (بحسن نية) بإرسال الإختبارات السابقة لأي طالب يطلبها، حتى قام أحد الطلاب بأخذ أوراق هذه الإختبارات وذهب للأستاذ ليسأله عن بعض الأسئلة، فاستغرب الأستاذ من ذلك، فقام بتغيير جميع الأسئلة في اختبارنا القادم، وبالتالي أضاع هذا الطالب فرصتنا في الحصول على درجات مرتفعة.
من الجميل أن تساعد الناس، ولكن ساعدهم بما يتناسب مع قدراتهم العقلية، فليس كل من حولك لديه القدرة على التفكير مثلك. والأفضل من ذلك هو أن تقوم بتوجيههم عن طريق الأسئلة، واجعلهم هم من يتوصلون لطريقة الحل بناء على تفكيرهم وتجاربهم.