في ثلاثينيات القرن الماضي، لم تكن الطائرات النفاثة قد اخترعت بعد، ولم يكن بإستطاعة الطائرات الطيران لمسافات طويلة، بل كانت تطير لمسافات صغيرة، وتتوقف للتزودبالوقود والصيانة، ثم تعاود الطيران مرة أخرى، اما بعد عدة ساعات او حتى في اليوم التالي.
والخريطة هنا تعبر عن أسرع رحلة بين لندن وسنغافورة، وهي تمر على ٢١ محطة، وتستمر الرحلة ٨ أيام، وسعرها بالقيمة النقدية الحالية تساوي ٦٤ ألف ريال.
وللوصول من لندن الى سنغافورة، عليك المرور على: باريس، اثينا، الاسكندرية، القاهرة، غزة، بغداد، البصرة، الكويت، البحرين، الشارقة، جوادر (باكستان)، كراتشي،جودبور (الهند)، دلهي، كانبور، الله اباد (لازلنا في الهند)، كلكتا، اكجاتس (في الهند كذلك)، رانجون (بورما)، بانكوك، الور ستار (ماليزيا)، واخيراً سنغافورة
تغير العالم كثيراً منذ ذلك الوقت، فالتكنولوجيا تطورت، واصبحت نفس هذه الرحلة تستغرق ١٣ ساعة فقط.
واصبح السفر عادة عند الناس، بعد ان كان حكراً على الاغنياء، فتشير الاحصائيات ان عدد المسافرين خلال ١٠ سنوات في شركة الطيران الامبراطوري (اهم شركة طيران في بريطانيا في ذلك الوقت) كان ٥٥ الف شخص، بينما هذا العدد اليوم هو تقريباً عدد ركاب الخطوط الجوية البريطانية في ١٠ ساعات فقط.
بالإضافة لذلك، فمن الناحية السياسية، كانت اغلب هذه المدن والمناطق تتبع الامبراطورية البريطانية، التي كانت تسيطر على رقعة كبيرة جداً من الكرة الأرضية، بينما حالياً تعتبر من الدول المتوسطة المساحة، واصبحت هذه المدن تتبع عدة دول مختلفة.
واذا عرفنا ان الهدف الرئيسي من هذه الرحلة هو ربط الامبراطورية البريطانية، فالمناطق التي تتوقف فيها الطائرة كانت تعتبر مناطق مهمة، بينما اليوم فبعض هذه المناطق غير معروفة، وانتهت اهميتها واصبحت قرى ذات تاريخ وربما بلا مستقبل، وبعضها اصبح مجرد اطلال، وهناك ايضاً مناطق ومدن لم تكن ذات اهمية في ذلك الوقت، وربما لم تكن موجودة اساساً، ولو كانت هذه الرحلة موجودة في يومنا هذا، فكان لابد أن تمر عليها هذه الرحلة.
دروس وعبر كثيرة نستطيع استخراجها من صورة واحدة عمرها ٨٠ عاماً، فالدنيا تتغير بسرعة، ولا شيء يبقى على حاله، فتغير وتبدل الأحوال هي سنة من سنن الحياة.فسبحان الذي يغير ولا يتغير.
موضوع شيق يعتبر محطة من تاريخ الطيران القديم
مجهود وإبداع تشكر عليه ابوراشد
إعجابإعجاب
شكرا لك
تاريخ اليوم بالهجري والميلادي
إعجابإعجاب