أعتقد أنه من أكبر مشاكل هذا العصر الذي نعيشه هو انقلاب الموازين، فالصالح اصبح طالحاً، والطالح امسى من المصلحين.
ومن هذه الموازين المقلوبة هو تعامل الناس مع شهر رمضان المبارك، فالميزان الصحيح يقول أن رمضان هو شهر الصيام والقيام والذكر، ولكن العجيب أن الموازين انقلبت، واصبح رمضان هو شهر المسلسلات والاكل والطرب.
أحد القنوات الخليجية أعدت مجموعة برامج لرمضان، العجيب أن هذه البرامج هي مايقارب 20 مساسلاً، وحوالي 10 برامج اجتماعية ومسابقات، و … 3 برامج دينية !! بصراحة لا اعلم كم سيكون عدد البرامج الدينية في غير شهر رمضان!
عندما كنا صغاراً، كانت اغلب برامج رمضان هي برامج مسابقات .. وخصوصاً مايسمى بـ “فوازير رمضان”، بالرغم من الرقص والأغاني الموجودة في البرنامج، الا ان الهدف الرئيسي من البرنامج هو أن يشغل الصائم عقله (ان كان بقى له عقل في نهاية الحلقة) ويحاول حل “الفزورة” .. ولكن الآن فأغلب البرامج هي عبارة عن مساسلات لا ينبغي للصائم أن يفكر في مدى جديتها ومصداقيتها .. بل وحتى واقعيتها.
أحد الموازين المقلوبة في رمضان، هو شراء الناس لإحتياجات تكفيهم لسنة كاملة، أستطيع أن اتفهم حرص ربة المنزل على اعداد الاكلات المنوعة في رمضان وذلك لأن وقت الفطور يجتمع فيه جميع أفراد الأسرة، بعكس الوجبات العادية في غير رمضان، ولكني لا أفهم لماذا يجب أن يشتروا صناديق من الفيمتو وغيره .. وكأن المحلات ستقفل في رمضان!! ألم يكن بالإمكان شراء الكمية المطلوبة فقط، واذا انتهت الكمية فلا أعتقد أن مشواراً صغيراً للسوبرماكت سيكلفك الكثير من الوقت الذي يذهب غالباً في مشاهدة المسلسلات الذي تضر ولا تنفع.
وإذا اردت أن تعرف مدى انقلاب الموازين لدرجة أن الكثير من المسلمين لا يعرفون عن دينهم سوى اسمه .. فشاهد اي برنامج من برامج الافتاء في اي قناة .. فستجد أن الأسئلة تتكرر في كل يوم .. وهي نفسها الأسئلة التي تطرح كل عام .. مثل: هل يفطر معجون الأسنان .. أو انني اعتقدت ان المغرب قد حان وقته وأكلت ولم أكن أعرف ..
وأخيراً .. شاهد الناس في المساجد، وقد لبسوا أسوأ الثياب كالبيجامات والجلابيات، وكأنهم ذاهبون للنوم وليس للصلاة، وتركوا أطفالهم يلعبون ويمرحون .. وقد حولوا آخر المسجد لصالة ألعاب، وتستطيع من اي مكان أن تشم روائح العطور النسائية النفاذة التي تنطلق من مصلى النساء .. وتسمع صوت صياح الأطفال أعلى من صوت الإمام.
أليست الموازين مقلوبة ؟؟